ما الذي يحدث لليرة التركية؟

بواسطه: Cameron Deggin

بواسطه: Cameron Deggin

مرت الليرة التركية بمحطات مضطربة خلال السنوات القليلة الماضية، وقد استحوذت على اهتمام الاقتصادات الناشئة والأتراك، وقد انخفضت الليرة بنسبة 42% منذ بداية عام 2018 وحده.

وعند النظر إليها يمكننا تشخيص المشكلات الرئيسية التي واجهت الاقتصاد التركي وأدت إلى هذا التذبذب والتي تتمثل في: التوترات الجيوسياسية من الدول المجاورة، ارتفاع التضخم، النزاعات مع الولايات المتحدة الأمريكية، عدم اليقين في الانتخابات، والرئيس الذي يرفض التنازل عن بعض المواقف الاقتصادية المتعلقة بالليرة التركية.

لكن هذه الإجابة البسيطة لا نجيب إجابة حقيقية وشافية عن سقوط الليرة التركية خاصة أن تركيا بلد به العديد من العوامل التي تقرر على أساسها إذا طانت الليرة سوف ترتفع أم تنخفض. والاسئلة الحقيقية الآن هي تلك التي تدور حول إلى أين تذهب تركيا بعملتها النقدية؟ وماذا يعني هذا للاقتصادات الناشئة؟.

Turkish lira crisis


ما سبب سقوط الليرة التركية 2015 -2017؟

تباطؤ الإصلاح:               

خلال النصف الأول من عام 2000 استطاعت تركيا النمو بسرعة تحت قيادة رجب طيب أردوغان وحزب التنمية والعدالة الذي كان منتخبًا حديثًا وقتها. تم إدخال العديد من الاصلاحات الاقتصادية التي أدت لتحول الاقتصاد إلى الأفضل مع طفرة في التصنيع والبنية التحتية وفرص الاستثمار الأجنبي وتطوير قطاع العقارات والسياحة.

وبسبب تلك الإجراءات الاصلاحية، كانت تركيا من بين الدول القليلة التي تأثرت بالكاد من ضربة الأزمة المالية التي اجتاح العالم في 2008، ورغم ذلك توقفت الاصلاحات الجديدة في الخمس سنوات الماضية بسبب إلقاء بعض المحللين اللوم على شعبية أردوغان مما أدى لإهماله معدلات الإدخار المحلية وارتفاع مستوى البطالة وزريادة نكلفة العملة. لذا تأثرت الليرة التركية سلبًا.

التوتر الإقليمي وعدم الاستقرار:

مع وجود تركيا في موقع فريد بين آسيا وأوروبا مما يجعلها تمثل نقطة التقاء بين الشرق والغرب إلا أن التوتر في بلدان مجاورة مثل سوريا والعراق لعب دوره في سقوط الليرة التركية إلى جانب محاولة الانقلاب الفاشلة في داخل تركيا نفسها مما دفع الحكومة لاعلان حالة الطواريء مما ترتب عليه خفض التصنيف الائتماني من وكالة موديز وستاندرد آند بورز. ورغم ذلك كانت توقعات تركيا مستقرة في عام 2017 مع وجود سجل اقتصادي ومالي مرن وقوي.

التغييرات في الدستور التركي:

مع كون رجب طيب أردوغان هو الفاعل الأساسي للنمو السريع للبلاد في أوائل 2000 إلا أن رفضه في التخلي عن السلطة أدى إلى انقسام الأتراك وتشعب شعور التشكيك وعدم اليقين في السياسات وبالتالي تم التأثير سلبًا على الليرة التركية.

توقف النمو السريع:

كانت التجربة التركية في النمو الاقتصادي مذهلة من أواخر التسعينات وحتى عام 2010 خاصة مع تحقيقها نموًا سريعًا لكن لم تقم تركيا بالحفاظ على هذا المعدل السريع لفترات طويلة وتمثلت نهاية النمو خلال أزمة منطقة اليورو حيث انخفض معدل النمو من 9.2% عام 2010 إلى 8.8% في 2011 بينما أصبح يدور حول 3% خلال السنوات الأخيرة.

Turkish Lira Erdogan


ما سبب أزمة الليرة التركية؟

تباطؤ الحكومة في التحرك:

مع انخفاض الليرة التركية بنسبة 42% عام 2018، تعاملت الحكومة التركية مع الأزمة ببطء بل ولم تتخذ أي اجراءات من توصيات الخبراء الاقتصاديين والمحللين في محاولة لمعالجة المشكلة خاصة أن معظم ديون تركيا بالدولار الأمريكي.

كان يجب على تركيا إدخال تغييرات جوهرية لتجنب أي ضغوطات مالية في المستقبل. وقد صرح وزير المالية التركي قائلاً: " بعد الانتخابات، ستدخل تركيا فترة إصلاح حيث تشهد نتائج إيجابية لفترة إعادة التوازن الاقتصادي "

ترامب وتركيا:

منذ تولي ترامب السلطة أصبحت العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا فاترة نوعًا ما وقد قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على تركيا خلال 2018 مع مضاعفة التعريفة الجمركية على السلع التركية مثل الصلب والألومنيوم مما أدى لخسارة كبيرة تقدر بنحو 30% لليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي.

ارتفاع التضخم في تركيا:

منذ بداية أزمة الليرة التركية، ارتفع معدل التضخم حيث بلغ 25.24% في أكتوبر 2018 وهو ألعى مستوى منذ أكثر من 15 عامًا. لكن الحكومة اتخذت بعض التدابير الاصلاحية التي عملت على خفص نسبة التضخم إلى 19.71% في مارس 2019 وفقًا لبيانات أسعار المستهلك.

قال وزير الخزانة والمالية التركي: " التضخم سوف ينخفض بشكل كبير وسوف تصل تركيا إلى مكان أفضل مع حدوث توازنًا حتى نهاية 2019"

Inflation in Turkey


مشاكل الانتخابات التركية:

مع وجود أردوغان في عام 2003 كرئيس وزراء ثم كرئيس للدولة، فقد فاز أردوعان بالنتخابات السنوية لعام 2018 مما يدل على استمرار قوة تركيا إلا أن عام 2019 شهد الانتخابات البلدية في 31 مارس ولكن حدثت مفاجأة كبيرة في اسطنبول حيث فقد حزب العدالة والتنمية الحاكم إدارته لبلدية اسطنبول في مقابل نجاح المعارضة.

Istanbul election


متوسط سعر الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي 2005- 2019:

عام 2005: الدولار الواحد يساوي 1.344 ليرة تركية.

عام 2006: الدولار الواحد يساوي 1.428 ليرة تركية.

عام 2007: الدولار الواحد يساوي 1.303 ليرة تركية.

عام 2008: الدولار الواحد يساوي 1.302 ليرة تركية.

عام 2009: الدولار الواحد يساوي 1.550 ليرة تركية.

عام 2010: الدولار الواحد يساوي 1.503 ليرة تركية.

عام 2011: الدولار الواحد يساوي 1.675 ليرة تركية.

عام 2012: الدولار الواحد يساوي 1.796 ليرة تركية.

عام 2013: الدولار الواحد يساوي 1.904 ليرة تركية.

عام 2014: الدولار الواحد يساوي 2.189 ليرة تركية.

عام 2015: الدولار الواحد يساوي 2.720 ليرة تركية.

عام 2016: الدولار الواحد يساوي 3.020 ليرة تركية.

عام 2017: الدولار الواحد يساوي 3.648 ليرة تركية.

عام 2018: الدولار الواحد يساوي 4.837 ليرة تركية.

عام 2019: الدولار الواحد يساوي 5.581 ليرة تركية. (باستخدام المتوسطات الشهرية حتى مايو 2019)

Lira vs US Dollar


ما الذي يحدث للاقتصاد التركي خلال 2019؟

اجراءات البنك المركزي التركي:

أعلن محافظ البنك المركزي التركي زيادة احتياطات البنوك حوالي 4.3 مليار دولار ليصل إلى 96.7 مليار دولار في حين يبلغ صافي الاحتياطي حوالي 28.6 مليار دولار. وقام البنك المركزي باتخاذ خطوات إضافية لدعم الليرة مع تشديد سياساته وتمويل السوق بمعدل أعلى بزيادة 500 نقطة أساس منذ أبريل.

استقرار الصادرات التركية:

تماشيًا مع الاقتصاد الكلي، حافظت الصادرات على استقرارها مما ساعد على تقليص العجز في التجارة الخارجية إلى 63% في فبراير 2019 على أساس سنوي.

بدائل الحكومة التركية:

اتخذت الحكومة التركية اتجاه البحث عن بدائل لدعم الاقتصاد ومن ثم دعم الليرة حيث بدأت العام الماضي بالحفر في البحر المتوسط عن احتياطيات النفط والغاز مما يقلل من اعتمادها على واردات الطاق مع وجود خطط للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة.

إصدار سندات اليورو:

قامت الحكومة بإصدار أكثر من ضعف قيمة سندات اليورو على أساس سنوي لتخفيف مخاوف المستثمرين بشأن الليرة التركية وعلى وتدفق المستثمرين والمواطنين الاتراك على شراء سندات اليورو.

الجدير بالذكر أن نسبة الدين الخارجي لتركيا تبلغ 57.5% حاليًا إلا أنه أقل من معظم الدول الأوروربية مما يجعل سندات اليورو استثمارًا جذابًا.

Turkish Eurobonds


اهتمام المستثمرين الأجانب بتركيا:

وفقًا لشركة ديلويت Deloitte ما زال المستثمرين مهتمين بالأعمال التركية حيث تم انجاز مجموعة من الصفقات الاستثمارية بنحو 12 مليار دولار خلال العام الماضي، بزيادة 17% عن العام السابق له. ومعظم تلك الصفقات من مستثمرين أجانب.

انخفاض العجز التجاري:

انخفض العجز التجاري التركي منذ صيف 2018 حيث انخفضت الواردات بنسبة 21.45% خلال الربع الأول من 2019 بينما زادت في المقابل الصادرات بنسبة 3.34%.

Turkish trade deficit


هل ستستعيد الليرة التركية عافيتها؟

معدل الليرة التركية في 2019:

بلغت الليرة التركية أدنى مستوى لها في مايو 2019 منذ سبعة أكتوبر 2018 بعد قرار مجلس الانتخابات بإلغاء نتائج بلدية اسطنبول التي فازت بها المعرضة مع تحديد انتخابات جديدة في 23 يونيو 2019، مما زاد من مخاوف المستثمرين مع تعرض السندات لضغوط تراجع الليرة أكثر من 6 ليرة للدولار الواحد لكن رغم ذلك لا يزال المعدل أقل من 7.12 ليرة تركية للدولار الأمريكي وهو المعدل الذي حققته الليرة في الصيف الماضي.

ثقل تركيا كدولة:

تركيا في جميع النواحي ليست بلد صغير حيث أنها كبيرة الحجم من الناحية الجغرافية، وتقع على مفترق بين الشرق والغرب وآسيا وأوروبا كما أنها تعد حليفًا رئيسيًا للناتو حيث تعتبر ثاني أكبر قاعدة للناتوفي العالم من الناحية السياسية، بينما يبلغ الناتج المحلي السنوي حوالي تريليون دولار أمريكي من الناحية الاقتصادية للدرجة التي أن الاقتصاد التركي أكبر من أن يتم صرفه دون داعي. ووفقًا لبلومبيرج يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في تركيا حوالي 12 ألف دولار خلال عام 2018 أي ما يساوي نحو 6 أضعاف مثيله في الهند.

زيادة شريحة الشباب والمتعلمين:

تشير الإحصاءات إلى أن تركيا هي أصغر دولة في أوروبا ونصف عدد سكانها أقل من 40 عامًا مع تحسن مستويات المعيشة مما يشير إلى وجود قوة عاملة متميزة مع مؤهلات تعليم عالي والي ينعكس بدوره على تغذية الاقتصاد واستثمارات المشاريع.

التأثير الاستراتيجي لتركيا:

مع موقع تركيا الرائع كملتقى بين آسيا وأوروبا رغم بعض المشاكل في الدول المجاورة وبعض مشكلات الحدود إلا أن تركيا لها تأثير استراتيجي لا يمكن لأي دولة أخرى أن تتمتع به لذد فإن أي تأثير طويل الأمد في تركيا سوف ينعكس بدوره على الأسواق الناشئة في أوربا خاصة وبعض الدول عامة إلى جانب تأثر عملات أخرى بشكل سلبي. من المفيد للعديد من الأسواق أن تتغلب تركيا على أي أزمات، كما أن موقع تركيا يضمن الجذب المستمر للمستثمرين.

Turkey East meets West


ما التوقعات الاقتصادية التركية خلال عام 2019؟

في حين أن جميع التوقعات الاقتصادية لتركيا أو الليرة التركية غير مؤكدة على الورق، إلا أنها لم تتجاوز الخط الفاصل بينها وبين حدوث فوضى اقتصادية بما يكفي ومن المتوقع أن تظل الليرة التركية في تقلب بين الارتفاع والهبوط خلال الأشهر المتبقية من عام 2019.

ويشير المحللون أن البنك المركزي التركي مستعد لاتخاذ تدابير جذرية دون أي تراجع أو قلق مثل قرار الزيادة على أسعار الفائدة بمقدار 625 نقطة أساسية خلال أزمة 2018 وتشديد السيولة قبل الانتخابات.

Risk and reward


ما التوقعات أمام الذين يستثمرون في الليرة التركية؟

كقاعدة ثابتة في الاقتصاد، جميع الفرص في الاستثمار معرضة للخطر لكن من هم مستعدون لتحمل القليل من المخاطر غالبًا ما يرون أعلى المكاسب بعد ذلك.


ما تأثير كل هذا على قطاع الاستثمار العقاري في تركيا؟

الوقت الحالي فرصة ذهبية للشراء:

يمثل المشترون الأجانب نسبة صغيرة من إجمالي المشترين في سوق العقارات التركي وهو ما يوازي 5% من إجمالي المشترين. لذا ربما لا تبدي شركات التطوير العقاري مخاوف مع بيعهم أغلب الوحدات العقارية للمشترين المحليين خاصة أن الوضع في السابق كان بيع العقارات للمشترين المحليين والأجانب سويًا دون اقتصار الشراء على الأجانب فقط مثلاً.

وعلى الرغم من ذلك، فقد انخفض المشترون المحليون بعد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة للحد من التضخم وتخفيف الأضرار على الليرة التركية مما أدى لارتفاع تكلفة الاقتراض. مما يجعلها فرصة ذهبية للمشترين الأجانب للشراء فورًا خاصة مع بدء ملاحظة شركات التطوير العقاري لهذا الوضع مما جعلها على استعداد لتقديم خصومات كبيرة للمشترين نقدًا قد تصل إلى 15 – 20% من السعر.

الوقت الحالي هو المثالي للمستثمر الأجنبي لشراء وحدة عقارية خاصة أن هذه المميزات لن تستمر طويلًا مع تأكيد عودة شراء المحليين عاجلاً أو أجلاً.

ويقول كاميرون ديجين مدير شركة عقارات تركيا: " يعرف المستثمرين أن الاستثمار يحتمل المخاطر، لذا مع مخاطرة قليلة حاليًا يمكن أن يحقق المستثمر الأجنبي في تركيا نتائج مذهلة مع توفر فرص رائعة. نعم يوجد تقلب في سعر الليرة التركية لكن لا يجب أن ننسى أن هذه دولة تركيا مع ثقلها الاقتصادي والسياسي، وإذا كنت تريد تجنب المجازفة فاستثمر في السندات الحكومية التي تقدم 1% سنويًا. "

Turkish property

Recommended

طلب استفسار

شقق تطل على منظر البوسفور

شقق تطل على منظر البوسفور

لا تفوت هذه الفرصة المحدودة