أن تعيش في تركيا كأجنبي مغترب، فإن هذا من شأنه أن يجعلك تتعرض لتقاليد وعادات ثقافية مغايرة ويغير نظرتك إلى الحياة. نمط الحياة والثقافة في تركيا قد يبدو محيرا لك في البداية وربما تجده سخيف ولا تتعامل معه بشكل عادي، وقد تفاجئك بعض التصرفات حيث أن أصدقائك الأتراك يصرون أن لم تعد " يابانجي " أي أجنبي ولكن يعتبرونك بمثابة أخ غير شقيق.
في الواقع، العديد من الأجانب الذين يغادرون تركيا عائدي إلى أوطانهم، يعانون مما يسميه الخبراء " صدمة الثقافة العكسية ". إذ بعد تغير الشخص يجد صعوبة في العودة ثانية للروتين اليومي الذي كان معتاده في وطنه الأم بسبب تأثير الثقافة التركية والحياة التي عاشها مثل الأتراك.
لذا توجد أشياء لن يفهمها سوى الأشخاص المقيمين في تركيا ...
1- لا شيء مستحيل:
إذا كنت تريد تصميمات معينة وترغب بشدة في الحصول عليها، وقد قضيت بعض الوقت مع الاتراك سوف تعرف أك سوف تحصل عليها في النهاية، الاتراك بمجرد وجود فكرة في رأسهم سوف يسعون لتنفيذها. مثلا أعطهم سببا لتحديهم أنهم لن يستطيعون فعل هذا التصميم، ليقابلونك بنظرة وحاجب مرفوع وهم يقولون " حسنا، شاهدني ".
الأتراك يعتبرون التصميمات فرصة للتألق، وتعتبر مواقع لابناء مثال حقيقي رغم أنهم يعملون دون قبعات صلبة أو مراعاة مستويات الأمان. تجدهم يفعلون كل شيء بأنفسهم، مثلا إذا كان هناك عطب ما أصاب مستقبل الاشارة من القمر الصناعي؟ لا يتصلون بالمختصين، فقط يصعدون وينفذون هذا بأنفسهم.
الأمر ليس متعلق حول ما تعرفه، ولكن من الذي تعرفه يمكنه أن يساعد وتسأله. حتى لو لم يكونوا يعرفون شيئا فهناك دائما شخص ما قريب منهم يعرف شيء عن هذا العطل أو التصميمات، هناك دائما أخ، ابن عم، صديق بالتأكيد يعرف شيئا ويمكنه القيام بهذا.
2- الطعام هو أساس كل شيء:
في السنوات الأخيرة انتشرت الوجبات الجاهزة والمجمدة في محلات السوبر ماركت وأطباق المايكروويف، لكن في تركيا هم أقل حماسا تجاه هذه الأنواع من الأطعمة وذلك لأسباب وجيهة كثيرة: أولا: أنها مبالغ فيها ولا يعنيهم إذا كان توفر الوقت أو كونها مريحة.
ثانيا: لماذا قد يختار أي شخص عاقل أن يتناول أطعمة مجمدة بدلا من الأطعمة الطازجة التي تعرفها تركيا. بالنسبة للأتراك فإن الوجبات الجاهزة والمجمدة تدمر الثقافة التركية الخاصة بهم وعامة هم ليسوا من عشاق الأغذية المصنعة.
الأتراك يحبون الأشياء الحقيقية التي توارثوها، وقد قام الكاتب الأمريكي مايكل بولن بتلخيض الموقف التركي من الطعام على أفضل وجه حيث قال: " الطعام ليس مجرد وقود، الطعام يتعلق بالأسرة والمجتمع، الطعام هو الهوية. نحن نقوم بتغذية كل هذه الأشياء عندما نأكل جيدا "
3- توفير الوقت وأجندات المواعيد تفسد اللحظة! :
إذا كنت معتاد كأجنبي على النظام وتعرف قيمة الوقت وتوفيره ومدى المساهمة في الانتاجية، فإن هذه الفكرة قد تضيع سدى في مكتب أو مقابلة في تركيا، إذ أن الأتراك من الصعب عليهم الالتزام بهذا ويرونه يفسد اللحظات، انهم يعملون بمبدأ هذه هي اللحظة التي يجب أن نتعامل معها في الوقت الراهن. مثلا 30 دقيقة تأخير ليست بالأمر الجلل لتتذمر وتفسد أي عمل، لقد حضرت لذا لا تفسد الوقت الحالي بكونك غاضبا.
الأتراك لا يتفهمون مبدأ العمل 5 أيام متواصلة والاستمتاع بيمين أجازة في الأسبوع، انهم يستغلون أي فرصة للاستمتاع اليوم، ولا يتذمرون لضياع الوقت. الموقف الوحيد الذي لا تنطبق عليه هذه القاعدة هو الوقوف في طابور.
4- أنت لا تحتاج أن تشرب الكحول لتصبح مجنونا في الرقص:
في المملكة المتحدة على سبيل المثال في أي مناسبة أو حفل زفاف، حلبة الرقص تمتليء مرة واحدة بجميع من استهلك كميات كبيرة من الكحول وأصبح سكيراحيث الغالبية لا يريدون أن يفقدوا وقارهم مثلا خلال رقص عشوائي. لكن في تركيا عندما توجد في حفل زفاف تركي مثلا لا يتم تقديم الكحول بينما تمتليء حلبة الرقص بالناس ولا يهتمون بمن يراقبهم.
5- التوفير القاسي هو سمة جديرة بالثناء:
من بين سمات الأتراك المعروفة هو قدرتهم على التدبير وتوفير الأموال، واكتناز المدخرات مثل السنجاب عندما يجمع المكسرات، وبالمثل فإن اعطاء امرأة تركية 50 ليرة فقط للشراء، فإنها ستعود من السوق المحلية وتطهي أطباق لذيذة ربما تكفي الأسرة لمدة أسبوع.
وعلى الرغم من العقارات العصرية في تركيا والمقاهي الحديثة والعصرية قد انتشرت، فإن العديد من الأتراك من مؤيدي الطراز القديم يرفضون دفع ثماني ليرات مثلا لمشروب فرابتشينو في ستاربكس، طالما أنهم قد يحصولن على النسكافيه مقابل ليرتان فقط.
ومن وجهة نظرهم أن القهوة هي القهوة مهما اعطاها الناس أسماء وأشكال مختلفة. التوفير والتدبير صفة مثيرة للإعجاب في تركيا، وممارسة هذا تجعلهم معجبين بك اجتماعيا.
6- أمتعة كثيرة ليوم على الشاطيء:
إن مشاهدة أي عائلة تركية في رحلة حتى ليوم واحد على لاشاطيء، سوف تجدهم يملئون السيارة بالأمتعة وقد تدهشك كمية الأمتعة التي يأخذونها معهم وقد تكون غير ذات أهمية من وجهة نظرك، لكن من وجهة نظرهم هم يستعدون لجميع الاحتمالات حتى لو كانت حرب نووية، الأمتعة أحيانا تكون معبأة بأدوات غريبة من المبطخ.
في حين أن المصطافسن يحتاجون فقط إلى منشفة وبعض المستلزمات البسيطة مثل كريم ضد حروق أشعة الشمس وغيرها، الأتراك يحزمون أمتعة وكأنهم مغادرين لمدة أسبوعين.
وهناك احتمالين لقيامهم بهذا: الأول أن هذا اسلوب حياة مقتصد، فيقومون بأخذ طعامهم ومشروباتهم المنزلية معهم بدلا من شراءها من المطاعم. أو كونه مفهوم مزاجي، يعني أن الأتراك على وجه العموم لديهم مزاج للاسترخاء ويأخذون ذلك على محمل الجد ويفكرون في كل الاحتمالات حتى لا يتعبون أنفسهم إذ أن كل شيء معهم.
7- الحياة ستستمر إلا إذا لم نجد زبادي وخبز:
الاتراك صامدين بشكل لا يصدق، بغض النظر عن بعض الأحداث المدمرة للحياة التي تأتي في طريقها إلا لأن الحياة سوف تستمر وتصبح تلك الحوادث الأليمة من الماضي. بينمما بعض الشعوب الأخرى تذهب إلى الطبيب النفسي ولا يتجاوزون المحن، فألأتراك يؤمنون بقوة بمفهوم مشيئة الله، أي أن الله معهم وكله يجري بأمره.
هذه القوة ترتبط ارتباطا عميقا بالعقيدة، وعلى مبدأ عقائدي " إذا كان مقدرا أن يكون، فسوف يكون "، انهم يفضلون الاستمرار على النحو الطبيعي بدلا من الأسف والحزن. هذا إذا لم ينفد الخبز والزبادي، فهذه الأشياء تمثل عندهم مشكلة كبيرة إذا لم يجدوها ويتوقف حينها الكوكب عن الدوران. يجب حينها تصحيح هذه الجريمة الكبيرة في حق البشرية.