AR

 هل كنت تعتقد أن تركيا هي الدولة التي ابتكرت القهوة! إن كنت تعتقد هذا حقاً، أنت مخطئ.  إليك بعض التفاصيل عن القهوة التركية.

لن يُنكر أحد أن القهوة التركية باتت الأشهر في العالم، فهي جزء أساسي من سر الضيافة التركية، كما أن إكسسواراتها العديدة " كأس الماء، اللقم التركي، بيت الفنجان الفضي أو النحاسي"، أيضاً لها مناسبات وطقوس خاصة " المقاهي، صباحيات الجيران، عند مجيء الضيف، طلب الخطبة، كما أنهم اشتهروا بقراءة الفال، إلخ"، وطريقة تحضير مخصصة بها.

تتكون القهوة التركية من حبوب بن أرابيكا " Arabica " آو روبوستا " Roobusta " حتى باتت القهوة التركية الأشهر في جميع أنحاء العالم، وذلك بسبب مذاقها القوي وأساليب تحضيرها الخاصة وإكسسواراتها المتميزة و طرق تقديمها المثيرة.


تاريخ دخول القهوة:

قيل أن هنالك قصتين لدخول القهوة التركية إلى تركيا، ولا يوجد أي دليل على صحة أحدهما:

القصة الأولى:
في عام ١٥٢١ تعلم الحاكم اليمن العثماني " أوزديمير باشا" القهوة اليمنية، ومحاولةً منه لكسب ود السلطان العثماني " سليمان القانوني" أهدا القهوة بشكل شخصي له، وكانت تُعتبر من أغلى المشروبات في ذلك الوقت، حتى أن السلطان سليمان عبر عن موقفه من هذا الشراب بإصداره قراراً ملكياً موثق بالختم الملكي باعتمادها في الدولة العثمانية، وهكذا انتشرت.


القصة الثانية:
هذه القصة تختلف كلياً عن الأولى حيث يُقال آن اثنين من تجار سوريين الأول اسمه "حَكم " من مدينة حلب والآخر " شمس" من مدينة دمشق، أرادوا فتح تجارة القهوة بين سوريا وتركيا، وكانت بلاد الشام قد عرفت القهوة عن طريق اليونان، واليونان عن طريق أوربا، وأوروبا عن طريق إفريقيا، وفي سنة ١٥٥٤ افتتحوا مقهى في تركيا يقدم القهوة، ودخلت القصر في عهد سليمان القانوني وأطلق عليها " الشراب الأسود".

ما هو ثابت في كِلا القصتين أن معرفة القهوة تمت في عهد سليمان القانوني، وساد انتشارها في عام ١٥٥٥ بمرسوم ملكي بختم الإمبراطورية العثمانية شخصياً.


المقاهي:

كان "حكم" و "شمس" هما من أنشئا أول مقهى في إسطنبول في أمينونو، ولم تعمم هذه الثقافة بشكل واسع إلى عهد السلطان سليم الثاني، وبدأت تنال إعجاب الشعب التركي " الرجال منهم فقط" وباتت فقط لمثقفين وفنانين ورجال دولة وأناس كانوا يأتوا لإسطنبول طلباً للعلم، وكانوا يجلسون هناك ويتناقشون في العديد المواضيع أكثرها " سياسة، اقتصاد، دين، علم، شعر" حتى انهم كانوا يجلسون في المقاهي بالساعات ليَنظمون شعر المديح بالسلاطين أو بالعشق، وكان هنالك بعض من الطلبة كانوا يكتبون كتبهم فيها. ولم تكن المقاهي تقدم فقط قهوة بل شاي أيضاً ولفائف تبغ.

بلغ عدد المقاهي في عهد السلطان مراد الثالث إلى ما يقارب ٦٠٠ مقهى، ليس فقط في إسطنبول، بل في الأناضول، قونيا، ماردين، غازي عينتاب، وأغلب جنوب وشرق تركيا، دعماً لفكرة مدح السلطان.

أما في عهد السلطان مراد الرابع أمر بإغلاق المقاهي في إسطنبول بسبب ظهور أفكار مناهضة للدولة العثمانية، والذي برأيه قد انحرفت عن دورها الأساسي من مديح السلطان إلى الانقلاب عليه، وأعلنها خطراً على الدولة.

في عهد السلطان عبد العزيز وعهد السلطان عبد الحميد الثاني كان العصر الذهبي للمقاهي حيث تم الاعتناء بهذه الثقافة وعمموها بشكل كبير حتى غطت جميع أنحاء تركيا وانتشرت في أنحاء العالم.


القهوة عنصر أساسي للضيافة لدى المتقدمين للخطبة:

لعبت القهوة دوراً هاماً في عادات الزواج في تركيا، إلى أن وصل الحد لتدريب النساء على كيفية عمل القهوة بشكل مثالي حين يتحدد موعد لطلب يدها من قِبل أهلها وأهل العريس، في الزيارة الأولى ستقدم الفتاة لعريسها فنجان من القهوة فيه ملح وذلك لاختبار صبر الرجل وعدم تذمره من المذاق المالح، أما في الزيارة الثانية يتم وضع الفتاة تحت المجهر ابتداءً من حملها للصينية إلى كيفية المشي نحوهم، ومن ثم طريقة الانحناء للتقديم، مروراً بإكسسوارات القهوة وذوق الفتاة باختيارها للوصول إلى الرغوة الوفيرة والمذاق.

كما أن لكأس الماء و اللقم عادة خاصة، فالماء يقدم لغسل الفم من بقايا القهوة ، أما اللقم فهي دليل على أن الضيف جائع ويجب بعدها تحضير الطعام أو تقديم طبق من الحلويات التركية أو فاكهة. وإلى الآن مازالت هذه العادة عند الأتراك القدامى سارية

وبعد كُل هذه القصص، هل ما زلت لا تعلم كيف تُصنع القهوة. إليك الطريقة: 

يتم تحضير القهوة التركية في وعاء نحاسي ديق وعميق وله مقبض طويل مصنوع من الخشب وسُمي " cezve " أو ما يسمونه ببلاد الشام " الدولة، الركوة"، وفنجان القهوة يحمل ذات الاسم " fincan “وحتى القهوة تحمل ذات الاسم العربي “ Kahve " .

مقاديرها: لكل فنجان ماء ملعقتين كبيرتين من القهوة، واخلط المزيج جيداُ ثم ضعه على النار، وإن كنت من محبين القهوة الحلوة المذاق يضاف إليها قبل الغلي " للمذاق الوسط مكعب واحد، للمذاق الحلو الخفيف مكعبين، للمذاق شديد الحلاوة ثلاث مكعبات".

بمجرد أن تغلي القهوة وترتفع رغوتها يجب أن تصبها مباشرة في الفنجان، وهذا السبب الذي جعل القهوة الركية غنية بالرغوة، فلن تكون القهوة حقاً تركية دون نصف إلى ١ سم من الرغوة فقط، وتقدم مع كآس من الماء وحلاوة اللقم التركية، هذه هي أصول طقوس القهوة التركية.


القهوة التركية دخلت قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي:

إن طريقة تقديم القهوة التركية وأسلوب تحضيرها وثقافتها المجتمعية، جعلت منها جديرة بأن تسجل عام ٢٠١٣ إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي، كما تم الاعتراف بها كرمز للضيافة والصداقة في تركيا.

فاجتماع الناس في المقاهي لشرب القهوة، وتقديم القهوة للمسافرين والزوار كعادة ترحيب، وتقاليد القهوة للمتقدمين للخطبة، جعلت منها أهم المشروبات التي تُقدم في المناسبات الاجتماعية في هذا البلد العريق.


والأن ما هو أفضل مكان لشراء القهوة في تركيا؟؟؟

تُعتبر قهوة " kurukahveci Mehmet effendi “من أهم موردي القهوة التركية والأكثر شهرة في تركيا، حيث يمكنك أن تجد منتجاتها في كل السوبر ماركت والمتاجر في أمينونو " eminonu " والمميز بهذه القهوة أنها توزع طازجة بشكل يومي.

والمنافسة لهذه القهوة هي " nuritoplar " أيضاً في أمينونو " eminonu " وهي قائمة منذ عام ١٨٩٠، ممتازة لمحبي مذاق القهوة القوي الفاخر، كما أن أغلب المقاهي في تقسيم، بشكتاش، أورتاكوي، وحتى مقاهي السوق المغلق أو  grand bazaar  يقدمون من هذه الماركة نظراً لقوة مذاقها .

القهوة في تركيا ليست مجرد مشروب ... إنما قصة، عادة، وحياة ...


Recommended

طلب استفسار

شقق تطل على منظر البوسفور

شقق تطل على منظر البوسفور

لا تفوت هذه الفرصة المحدودة